الثلاثاء، ٢٥ سبتمبر ٢٠٠٧

بائعة العطور ـ قصة قصيرة



بائعة العطور
قصة محمود البدوى



كان الخواجة نعوم يملك محلا صغيرا للعطور وأدوات الزينة فى شارع فؤاد الأول .. وفى خلال الحرب ربح كثيرا مما كان يبيعه من العطور المغشوشة لجنود الحلفاء حتى تضاعفت ثروته وتضخمت ..
فلما انتهت الحرب ورحل الإنجليز عن القاهرة فى غير رجعة انكمشت تجارته وقل زبائنه ووقفت راشيل على باب الحانوت تضحك للمارة وتغريهم بابتسامتها على الدخول .. ولكن هيهات فإن شهرة الخواجة نعوم فى غش العطور كانت قد بلغت الآفاق ..
ولكن على الرغم من هذا كله فقد ثبت الخواجة نعوم فى الميدان ، ووسع واجهة المحل وزينها بأنوار النيون .. وبنى لنفسه دورا علويا صغيرا من الداخل .. اتخذ منه مكتبا له ومخزنا للعطور ..
وكان المكتب عبارة عن غرفة صغيرة أنيقة أحاطها بالستر وزينها بالصور وجعل فيها أريكة طويلة فقد كان الخواجة نعوم ينام أحيانا وقت الظهيرة فى هذا المكان ..
وفى مساء يوم رأى وهو واقف خلف الطاولة ثلاثة يقفون على واجهة المحل يستعرضون ما فيها من بضائع .. واقترب منهم وحدق فيهم وسمع لغتهم .. فسال لعابه لقد كانوا ثلاثة من الجنود الإنجليز فى ملابس مدنية ..
وغمز لراشيل بعينه فخرجت واقتربت منهم .. وبعد أقل من دقيقة كان الجنود الثلاثة فى داخل الحانوت ..
وعرضت راشيل وزميلتها مارى على الجنود أحسن ما فى المتجر من بضائع .. واستطاعت راشيل بابتسامتها ولباقتها وطريقتها فى عرض الأشياء أن تغرى الجنود بالشراء فاشتروا زجاجات عطر وأدوات زينة للسيدات وجوارب ومناديل ومحافظ جلدية . وسر الخواجة نعوم لهذا وكاد يرقص من الفرح وأجلس الجنود داخل المحل وطلب لهم قهوة ..
وجلس الجنود يتحدثون مع راشيل إلى أن تجىء القهوة وسأل ماك :
ـ أيوجد تليفون هنا ..؟
وأجابه الخواجة نعوم :
ـ نعم .. فوق ..
وأشار إلى راشيل وصعدت مع ماك السلم الداخلى الصغير المؤدى إلى غرفة المكتب ومكث ماك مع راشيل فى هذه الغرفة كثيرا وطال انتظار أصحابه ..
وأخيرا نزل وخلفه راشيل وكان يبتسم لرفيقيه مزهوا ..
وبعد ساعة كان الجنود الثلاثة فى القطار العائد بهم إلى الإسماعيلية ..
وأخرج ماك من جيبه صورة فى حجم الكارت بوستال وعرضها على زميليه ..
كانت صورة راشيل وهى فى لباس البحر ..
وقال فى فخر :
ـ لقد كان هذا الجسم لى منذ ساعة ..
ونظر إليه صديقاه فى غيظ وحسد وأخذ هو يضحك .. لقد كانت راشيل فاتنة بحق .. وفتح محفظته ليعيد إليها الصورة وكان لايزال يضحك ..
وفجأة صرخ ..
لقد اكتشف سرقة الأوراق المالية التى فى المحفظة ..
لقد وضعت له راشيل صورتها الجميلة فى المحفظة .. ولكنها أخذت بدلها جميع ما فيها من نقود ..
وضحك صديقاه فى هذه المرة .. وظلا يضحكان منه طول الطريق ..!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت القصة فى مجلة القصة ـ العدد 80 بتاريخ 20/1/1953 وأعيد نشرها فى كتاب قصص قصيرة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات: